الإخراج الصحفي Make Up للصحيفة هو تلك العملية، التي يتم من خلالها، عرض "المضمون" الصحفي، الذي تحمله المادة التحريرية والإعلانية، بعد كتابتها وتحريرها وتقديمه في" شكل " مناسب، يروق لقارئ الصحيفة، ولطبيعتها، كوسيلة اتصال مطبوعة، لها سماتها المميزة، ولها قراؤها ذوو الاهتمامات، والميول والعادات الاتصالية، في ظل منافسة الوسائل الاتصالية الأخرى المطبوعة، كالجريدة الأسبوعية، والمجلة والكتاب، والوسائل المسموعة والمرئية الإلكترونية كالراديو والتليفزيون، وصناعة التسجيلات، والمستحدثات الجديدة، كالفيديو، والتليتكستوهي عملية تتضمن جانبين أسـاسيين متلازمين: الجانب الأول هو عملية التصميم الأساسي Basic Design، أو المظهر العام للجريدة ككل، وللصفحات، كمكونات جزئية، بحيث تعطي هوية مميزة للجريدة، عن باقي الجرائد المنافسة. والجانب الثاني هو توضيب Layout هذه الصفحـات، أو توزيع المادة الصحفية عليها شاملة العناوين، والصور والرسوم والمتن التحريري والإعلاني، ويتضمن التوضيب: تحديد موقع كل من هذه الموضوعات، وحجمها والصور المصاحبة لها، ووسائل الإبراز المختلفة، وكيفية توظيف العناصر التيبوغرافية (الطباعية) المختلفة، أو لغة الشكل، في الجريدة، وهي تشمل عناصر: بعضها ثابت، والآخر متغير. وتتضمن: الترويسة، عناوين الأبواب، والأركان، والصفحات، والأجزاء الثابتة المتخصصة، ورسوماتها المميزة، الإشارات، الفهارس، البواقي، كلام الصور، العناوين بأنواعها، المتن، الصور، الرسوم اليدوية بأنواعها، الجداول، الإطارات، الفراغ، اللون.
ويقوم بعملية الإخراج الصحفي، أو تصميم الصحيفة، وتوضيبها، تحت إشراف رئيس التحرير، أو أحد مساعديه، محرر مسؤول، قد يسمى محرر الإخراج، أو محرر التوضيب أو المدير الفني، أو المحرر الجرافيكي، أو سكرتير التحرير الفني، في إطار سياسة إخراجية للصحيفة متفق عليها يستعان في تنفيذها بدليل طباعي يحدد إمكانيات الدار الطباعية، وأنماط توظيف العناصر التيبوغرافية بها. وقد يتم هذا على نموذج بحجم الصفحة الكامل أو (مصغر للصفحة) يسمى ماكيت، ثم ينفذ هذا الماكيت، حسب أسلوب الجمع، والطباعة توضيباً لحروف الرصاص (كما في الطباعة البارزة)، أو باللصق، والتصوير، ثم المونتاج، وتحويل صور الماكيت، إلى لوح طباعي (كما في الأوفست والغائرة). أو يتم الإخراج، بشقيه، التصميم على ماكيت، ثم التوضيب على شاشة نهاية العرض الضوئي لجهاز الجمع التصويري، الذي يستعين بالحاسبة الإلكترونية، فيما يسمى بعملية "توضيب الصفحات على الشاشة مستعينة بالحاسبات الإلكترونية"، وتتم عمليتا التصميم والتوضيب لصفحات الصحيفة معاً في معظم الصحف الحديثة، في العالم الآن، على شاشة الحاسب الإلكتروني المزود ببرامج متخصصة، في توضيب الصفحات، ومعالجة المواد المصورة.
وتجرى عملية الإخراج الصحفي (تصميم الصحيفة وتوضيبها)، وفقاً لمفاهيم، أو تصورات، حول الشكل الأمثل للصفحة، الذي يتوافق مع عادات القارئ، واهتماماته، وحركة عينه، وهي إما تصورات، أو مفاهيم تعتمد على التفكير الحدسي، أو الخبرة، والتجارب الشخصية المتراكمة، أو على بحوث علمية تتضمن بحوث القارئية، وبحوث المقروئية، وبحوث الدوافع، وسيكولوجية القراءة، والجوانب الفسيولوجية، لعملية القراءة، والرؤية التي تشترك فيها جماعات بحوث تضم متخصصين في دراسات السوق، والجريدة، والإخراج، وعلم النفس، والعلوم السلوكية والفسيولوجية، وهي مايطلق عليه الآن البحوث الجرافيكية.
وتسير الممارسات اليومية الراهنة، لفنية الإخراج الصحفي للجريدة، وفق مجموعتين رئيسيتين، من المداخل أو التصورات: المداخل التقليدية أو الكلاسيكية، والمداخل المعاصرة، وتتسم هذه الممارسات بأنها لا تتضمن فقط الإخراج الصحفي، للجرائد اليومية، من الحجم العادي (الاستاندارد)، بل هناك جرائد يومية، من الحجم النصفي (التابلويد)، مثلChristan science monitor، إضافة إلى ظاهرة صحفية تتميز بها الصحافة اليومية، في الولايات المتحدة، وهي إصدارها الملاحق الأسبوعية مع طبعة الأحد، بعضها في شكل ملاحق منفصلة من نفس قطع وورق الصحيفة، أو ورق أجود، والبعض الآخر ـ أو معظمها ـ يصدر في شكل مجلة ـ من القطع النصفي.
أولاً: المداخل التقليدية لإخراج الجريدة اليومية
تعتمد المداخل التقليدية، لإخراج الصحيفة، على بعض المسلمات، أو الافتراضات المبدئية، التي توجه عمل المخرج الصحفي، وهي:
1. إن المضمون الصحفي هو الأساس، في حين أن الشكل، أو المظهر، ينبغي أن يكون ثانوياً، انطلاقاً من أن توجيه الانتباه أكثر من اللازم إلى المظهر قد يكون عملاً غير مجد.
2. الأخبار القصيرة السريعة هي قلب العمل الصحفي في الصحيفة.
3. ينبغي أن تُعالج الصفحات، كوحدة متكاملة، تشترك مع كل العناصر، في تناسق ووحدة وتناغم.
4. تساعد العناوين في ترتيب أهمية المادة الإخبارية، وتحديد قيمتها، بشكل نسبي، يرشد القارئ، وينبغي أن تكون معيارية، ومقيدة، ومحددة لتحقيق التناسق بينها.
5. تدعم المواد المصورة (الصور الفوتوغرافية والرسوم)، بشكل أساسي المتن.
6. ينبغي أن تتشابه الصفحة الأولى، كل يوم، مع الأيام السابقة، والتالية، حتى تكون للجريدة شخصية، من حيث المظهر.
وقد تبلور ذلك في مجموعة من المداخل أو المدارس الفنية في الإخراج، هي:
1. المدخل التقليدي أو المدرسة التقليدية
تقوم أساساً على فكرة تحقيق التوازن، في الأشكال المطبوعة، على ورقة الصحيفة)، وتضم المدرسة التقليدية مجموعة من المذاهب الفنية الإخراجية، التي يتميز الإخراج فيها بالهدوء، والرتابة، والبعد عن الأساليب الصارخة، أو المثيرة، في عرض الأنباء، وان تفاوتت، فيما بينها، في الأخذ بالمبادئ الأساسية لهذه المدرسة وتشمل:
أ. مذهب التوازن الدقيق.
ب. مذهب التوازن الشكلي التقريبي.
2. المدخل المعتدل أو المدرسة المعتدلة
تقوم على التحرر، من فكرة التوازن الشكلي المفتعل أياً كان، وذلك بهدف أن يكون تحديد شكل الصفحة ملائما لطبيعة موادها، أو محتواها، بحيث تعرض كل مادة، بما يتفق وأهميتها النسبية، في حدود الفكرة التي تبنى على أساسها الصفحة، وأهم مذاهب تلك المدرسة:
أ. مذهب التوازن الشكلي التقريبي.
ب. مذهب التربيع
ج. المذهب التركيزي.
3. المدخل الحديث
ويتسم بالتحرر من أي تقليد طباعي، درجت عليه الصحف، أو أي قيد شكلي يُبنى عليه تصميم الصفحة وتتضمن داخلها:
أ. مذهب التجديد الوظيفي.
ب. مذهب الإخراج الأفقي.
مذهب الإخراج المختلط.
ثانياً: المداخل المعاصرة لإخراج الجريدة اليومية
وهي امتداد للمدخل الحديث، وقد تبلورت الممارسات الإخراجية، في الجريدة اليومية، منذ السبعينيات، وحتى الآن، وأسفرت عن أربعة مفاهيم رئيسية للإخراج الصحفي تلخص الرؤية الإخراجية المعاصرة.
1. مفهوم إخراج الوحدات
يقوم على تنظيم الأخبار والموضوعات، وترتيبها في Modules، أو وحدات، يتكون كل منها، من تصميم، له وظيفة معينة. وبناء على هذا المفهوم، يتم وضع قصة مفردة (وفي بعض الأحيان مجموعة من القصص) في مجموعة موحدة، داخل وحدة معينة، أو مكون، معزولة عن باقي الوحدات، أو المكونات الأخرى، داخل الصفحة، وعادة ما تحاط هذه الوحدة بإطار، وأحياناً تُفصل الوحدات، أو المكونات، بعضها عن بعض، بإحاطتها ببياض كبير من جوانبها الأربعة.
وللحصول على فائدة أفضل لهذا المفهوم، لا يجب أن يتم إخراج الأخبار، والموضوعات، في شكل مربع، بل في شكل مستطيل، بحيث يصبح من السهل، نسبياً، تغييرها عند الضرورة، ولا تحتاج للوضع داخل إطار، بل يمكن وضعها، داخل أي موقع، في الصفحة، على أن تفصلها جداول العمود، أو الفراغ الأبيض، أو جداول العمود متزاوجة مع الفواصل. والاتجاه السائد، الآن، هو استعمال الفراغ الأبيض.
2. مفهوم الأحجام الفنية المنوعة
ويعود إلى كلمة Grid، التي تعني نموذجاً، من الخطوط المتقاطعة، التي تكون مستطيلات ذات أحجام وأشكال منوعة، وعلى هذا، يمكن وصفه بأنه مفهوم الأحجام الفنية المنوعـة.
ويتميز هذا المفهوم بأنه لا يركز على أن تكون قمة الصفحة ثقيلة، كما في الإخراج التقليدي، بل ينفرد كل خبر، أو موضوع، بمعالجة، تتفق مع قيمته الإخبارية، ويعطي له مكانه المناسب في العرض.
وتُقسَّم الصفحة إلى مجموعة، من الوحدات غير المربعة، وغير المتساوية رأسياً وأفقياً، فقد تقسم من اليسار إلى اليمين، إلى عمودين، وأربع أعمدة، أو عمودين، وخمسة أعمدة، أو من القمة إلى القاع بشكل غير متساو.
وعلى المحرر أن يقرر مبكراً، وأن يحدد الوحدة المفردة، التي يريد إبرازها، من خلال معالجتها، بشكل مميز، داخل الصفحة، والتي ستتقاطع، مع باقي الوحدات، في شكل فني جذاب، يراعى مبادئ التصميم الحديث، يتحكم فيه المحرر تحكماً كاملاً، ولا يترك أي شيء للمصادفة.
3. مفهوم التصميم الكلي
ويتميز عن المفهوم السابق، بأنه يهدف إلى العرض الدرامي للأخبار، والموضوعات، بشكل يجعل الصفحة المطبوعة ملفتة للنظر، بينما قد يكون مفهوم الأحجام الفنية المنوعة رمادياً ومربكاً، وغير درامي. وتتحقق الدرامية، أو العرض الدرامي للأخبار والموضوعات، من خلال التفكير المسبق فيها، قبل تنفيذها بوقت كاف، ويستند هذا على مجموعة من الخطوط العريضة هي:
تصميم شكل أساسي، أو مسودة مبدئية، لشكل الصفحة الكلية، ثم وضع المادة الصحفية فيها، بشكل مناسب. ولتوفير الوقت على المخرج، يتم تجهيز عدد من النماذج المختلفة مسبقاً، لتكون أدلة تناسب أخبار وموضوعات اليوم. ويستعمل البعض كتاباً، يحتوي على مجموعة أفكار، يشمل أشكالاً أساسية مختلفة وعديدة، ويستطيع المصمم اختيار واحدة منها، تناسب الأخبار، والموضوعات، التي استقر الرأي عليها.
يضم هذا الشكل الأساسي للصفحة مساحات منسقة، من الأشكال المستطيلة، ذات الاتجاهات، والأثقال المختلفة، التي تمد المصمم بالفروض والنماذج، التي يحتاج إليها، في تصميم كلي، وليس هناك حاجة لأشكال غريبة التكوين.
ينبغي أن يتسم الشكل الأساسي للصفحة، بالبساطة، والسهولة في تصميمه، وعدم وجود زخارف أو ازدحام بين عناصره.
ينبغي تغيير هذا الشكل، إذا لم يتناسب مع طبيعة الأخبار، والموضوعات.
ينبغي تقليل عدد الأخبار والموضوعات، داخل كل صفحة، لإتاحة المجال، أمام مساحات من الفراغ الأبيض، بين الأعمدة وبين العناوين والصور، وبين سطور المتن؛ لأن هذا الفراغ الأبيض يجعل الصفحة لا تبدو درامية.
استعمال الأخبار، أو الموضوعات، التي تصاحبها الصور، وتحتل مساحات كبيرة تملأ الصفحة، مع استعمال إطارات ضخمة، لتعزيز المتن، والصور الموجودة داخلها.
4. المفهوم المختلط
أثبتت التجربة العملية والممارسات اليومية، منذ منتصف السبعينيات، وحتى الآن، عدم تقبل رؤساء التحرير، أو محرري الإخراج، لاستعمال مفهوم، أو مدخل واحد، من المفاهيم السابقة، كنوع من المحافظة على الشكل المتميز التقليدي للجريدة، الذي ساد، لأكثر من ربع قرن، مع السماح بإدخال بعض التعديلات أو الممارسات المعاصرة، على ممارستهم التقليدية. ومن ثم نشأ هذا المفهوم المختلط، أو بعض الأفكار الإخراجية المعاصرة، في الإخراج، التي يمكن مزجها بالأفكار التقليدية لتحديث إخراج الصحيفة. وربما تكون تلك هي نقطة الانتقال الأكثر منطقية، إلى المفاهيم المعاصرة، ويمثل هذا المفهوم استفادة من المداخل المعاصرة الثلاثة السابقة تحقق تقنيات تغيير أفضل من الوضع الراهن.
ثالثاً: المداخل الحديثة
تطور المداخل الحديثة أسلوب إخراج الصحف، ولكنها تعالج الجريدة اليومية إخراجياً، بشكل يجعلها اقرب إلى المجلة، مثل صحافة التابلويد الإنجليزية، وجريدة USA Today الأمريكية، ويتبلور ذلك فيما أطلق عليه، مذهب ما بعد الحديث أو ما بعد الحداثة Ultra Modern، الذي يتحرر من قيود تقسيم الصفحة، إلى أعمدة. ويتكون من أشكال بالغة البساطة، ويميل إلى استخدام الموضوعات الضخمة المحاطة بإطارات، والصور الفوتوغرافية ذات الأحجام الكبيرة، مع توجيه اهتمام خاص إلى قاع الصفحة.
منقول عن موقع الاكاديمية المفتوحة للصحافة العربية
ويقوم بعملية الإخراج الصحفي، أو تصميم الصحيفة، وتوضيبها، تحت إشراف رئيس التحرير، أو أحد مساعديه، محرر مسؤول، قد يسمى محرر الإخراج، أو محرر التوضيب أو المدير الفني، أو المحرر الجرافيكي، أو سكرتير التحرير الفني، في إطار سياسة إخراجية للصحيفة متفق عليها يستعان في تنفيذها بدليل طباعي يحدد إمكانيات الدار الطباعية، وأنماط توظيف العناصر التيبوغرافية بها. وقد يتم هذا على نموذج بحجم الصفحة الكامل أو (مصغر للصفحة) يسمى ماكيت، ثم ينفذ هذا الماكيت، حسب أسلوب الجمع، والطباعة توضيباً لحروف الرصاص (كما في الطباعة البارزة)، أو باللصق، والتصوير، ثم المونتاج، وتحويل صور الماكيت، إلى لوح طباعي (كما في الأوفست والغائرة). أو يتم الإخراج، بشقيه، التصميم على ماكيت، ثم التوضيب على شاشة نهاية العرض الضوئي لجهاز الجمع التصويري، الذي يستعين بالحاسبة الإلكترونية، فيما يسمى بعملية "توضيب الصفحات على الشاشة مستعينة بالحاسبات الإلكترونية"، وتتم عمليتا التصميم والتوضيب لصفحات الصحيفة معاً في معظم الصحف الحديثة، في العالم الآن، على شاشة الحاسب الإلكتروني المزود ببرامج متخصصة، في توضيب الصفحات، ومعالجة المواد المصورة.
وتجرى عملية الإخراج الصحفي (تصميم الصحيفة وتوضيبها)، وفقاً لمفاهيم، أو تصورات، حول الشكل الأمثل للصفحة، الذي يتوافق مع عادات القارئ، واهتماماته، وحركة عينه، وهي إما تصورات، أو مفاهيم تعتمد على التفكير الحدسي، أو الخبرة، والتجارب الشخصية المتراكمة، أو على بحوث علمية تتضمن بحوث القارئية، وبحوث المقروئية، وبحوث الدوافع، وسيكولوجية القراءة، والجوانب الفسيولوجية، لعملية القراءة، والرؤية التي تشترك فيها جماعات بحوث تضم متخصصين في دراسات السوق، والجريدة، والإخراج، وعلم النفس، والعلوم السلوكية والفسيولوجية، وهي مايطلق عليه الآن البحوث الجرافيكية.
وتسير الممارسات اليومية الراهنة، لفنية الإخراج الصحفي للجريدة، وفق مجموعتين رئيسيتين، من المداخل أو التصورات: المداخل التقليدية أو الكلاسيكية، والمداخل المعاصرة، وتتسم هذه الممارسات بأنها لا تتضمن فقط الإخراج الصحفي، للجرائد اليومية، من الحجم العادي (الاستاندارد)، بل هناك جرائد يومية، من الحجم النصفي (التابلويد)، مثلChristan science monitor، إضافة إلى ظاهرة صحفية تتميز بها الصحافة اليومية، في الولايات المتحدة، وهي إصدارها الملاحق الأسبوعية مع طبعة الأحد، بعضها في شكل ملاحق منفصلة من نفس قطع وورق الصحيفة، أو ورق أجود، والبعض الآخر ـ أو معظمها ـ يصدر في شكل مجلة ـ من القطع النصفي.
أولاً: المداخل التقليدية لإخراج الجريدة اليومية
تعتمد المداخل التقليدية، لإخراج الصحيفة، على بعض المسلمات، أو الافتراضات المبدئية، التي توجه عمل المخرج الصحفي، وهي:
1. إن المضمون الصحفي هو الأساس، في حين أن الشكل، أو المظهر، ينبغي أن يكون ثانوياً، انطلاقاً من أن توجيه الانتباه أكثر من اللازم إلى المظهر قد يكون عملاً غير مجد.
2. الأخبار القصيرة السريعة هي قلب العمل الصحفي في الصحيفة.
3. ينبغي أن تُعالج الصفحات، كوحدة متكاملة، تشترك مع كل العناصر، في تناسق ووحدة وتناغم.
4. تساعد العناوين في ترتيب أهمية المادة الإخبارية، وتحديد قيمتها، بشكل نسبي، يرشد القارئ، وينبغي أن تكون معيارية، ومقيدة، ومحددة لتحقيق التناسق بينها.
5. تدعم المواد المصورة (الصور الفوتوغرافية والرسوم)، بشكل أساسي المتن.
6. ينبغي أن تتشابه الصفحة الأولى، كل يوم، مع الأيام السابقة، والتالية، حتى تكون للجريدة شخصية، من حيث المظهر.
وقد تبلور ذلك في مجموعة من المداخل أو المدارس الفنية في الإخراج، هي:
1. المدخل التقليدي أو المدرسة التقليدية
تقوم أساساً على فكرة تحقيق التوازن، في الأشكال المطبوعة، على ورقة الصحيفة)، وتضم المدرسة التقليدية مجموعة من المذاهب الفنية الإخراجية، التي يتميز الإخراج فيها بالهدوء، والرتابة، والبعد عن الأساليب الصارخة، أو المثيرة، في عرض الأنباء، وان تفاوتت، فيما بينها، في الأخذ بالمبادئ الأساسية لهذه المدرسة وتشمل:
أ. مذهب التوازن الدقيق.
ب. مذهب التوازن الشكلي التقريبي.
2. المدخل المعتدل أو المدرسة المعتدلة
تقوم على التحرر، من فكرة التوازن الشكلي المفتعل أياً كان، وذلك بهدف أن يكون تحديد شكل الصفحة ملائما لطبيعة موادها، أو محتواها، بحيث تعرض كل مادة، بما يتفق وأهميتها النسبية، في حدود الفكرة التي تبنى على أساسها الصفحة، وأهم مذاهب تلك المدرسة:
أ. مذهب التوازن الشكلي التقريبي.
ب. مذهب التربيع
ج. المذهب التركيزي.
3. المدخل الحديث
ويتسم بالتحرر من أي تقليد طباعي، درجت عليه الصحف، أو أي قيد شكلي يُبنى عليه تصميم الصفحة وتتضمن داخلها:
أ. مذهب التجديد الوظيفي.
ب. مذهب الإخراج الأفقي.
مذهب الإخراج المختلط.
ثانياً: المداخل المعاصرة لإخراج الجريدة اليومية
وهي امتداد للمدخل الحديث، وقد تبلورت الممارسات الإخراجية، في الجريدة اليومية، منذ السبعينيات، وحتى الآن، وأسفرت عن أربعة مفاهيم رئيسية للإخراج الصحفي تلخص الرؤية الإخراجية المعاصرة.
1. مفهوم إخراج الوحدات
يقوم على تنظيم الأخبار والموضوعات، وترتيبها في Modules، أو وحدات، يتكون كل منها، من تصميم، له وظيفة معينة. وبناء على هذا المفهوم، يتم وضع قصة مفردة (وفي بعض الأحيان مجموعة من القصص) في مجموعة موحدة، داخل وحدة معينة، أو مكون، معزولة عن باقي الوحدات، أو المكونات الأخرى، داخل الصفحة، وعادة ما تحاط هذه الوحدة بإطار، وأحياناً تُفصل الوحدات، أو المكونات، بعضها عن بعض، بإحاطتها ببياض كبير من جوانبها الأربعة.
وللحصول على فائدة أفضل لهذا المفهوم، لا يجب أن يتم إخراج الأخبار، والموضوعات، في شكل مربع، بل في شكل مستطيل، بحيث يصبح من السهل، نسبياً، تغييرها عند الضرورة، ولا تحتاج للوضع داخل إطار، بل يمكن وضعها، داخل أي موقع، في الصفحة، على أن تفصلها جداول العمود، أو الفراغ الأبيض، أو جداول العمود متزاوجة مع الفواصل. والاتجاه السائد، الآن، هو استعمال الفراغ الأبيض.
2. مفهوم الأحجام الفنية المنوعة
ويعود إلى كلمة Grid، التي تعني نموذجاً، من الخطوط المتقاطعة، التي تكون مستطيلات ذات أحجام وأشكال منوعة، وعلى هذا، يمكن وصفه بأنه مفهوم الأحجام الفنية المنوعـة.
ويتميز هذا المفهوم بأنه لا يركز على أن تكون قمة الصفحة ثقيلة، كما في الإخراج التقليدي، بل ينفرد كل خبر، أو موضوع، بمعالجة، تتفق مع قيمته الإخبارية، ويعطي له مكانه المناسب في العرض.
وتُقسَّم الصفحة إلى مجموعة، من الوحدات غير المربعة، وغير المتساوية رأسياً وأفقياً، فقد تقسم من اليسار إلى اليمين، إلى عمودين، وأربع أعمدة، أو عمودين، وخمسة أعمدة، أو من القمة إلى القاع بشكل غير متساو.
وعلى المحرر أن يقرر مبكراً، وأن يحدد الوحدة المفردة، التي يريد إبرازها، من خلال معالجتها، بشكل مميز، داخل الصفحة، والتي ستتقاطع، مع باقي الوحدات، في شكل فني جذاب، يراعى مبادئ التصميم الحديث، يتحكم فيه المحرر تحكماً كاملاً، ولا يترك أي شيء للمصادفة.
3. مفهوم التصميم الكلي
ويتميز عن المفهوم السابق، بأنه يهدف إلى العرض الدرامي للأخبار، والموضوعات، بشكل يجعل الصفحة المطبوعة ملفتة للنظر، بينما قد يكون مفهوم الأحجام الفنية المنوعة رمادياً ومربكاً، وغير درامي. وتتحقق الدرامية، أو العرض الدرامي للأخبار والموضوعات، من خلال التفكير المسبق فيها، قبل تنفيذها بوقت كاف، ويستند هذا على مجموعة من الخطوط العريضة هي:
تصميم شكل أساسي، أو مسودة مبدئية، لشكل الصفحة الكلية، ثم وضع المادة الصحفية فيها، بشكل مناسب. ولتوفير الوقت على المخرج، يتم تجهيز عدد من النماذج المختلفة مسبقاً، لتكون أدلة تناسب أخبار وموضوعات اليوم. ويستعمل البعض كتاباً، يحتوي على مجموعة أفكار، يشمل أشكالاً أساسية مختلفة وعديدة، ويستطيع المصمم اختيار واحدة منها، تناسب الأخبار، والموضوعات، التي استقر الرأي عليها.
يضم هذا الشكل الأساسي للصفحة مساحات منسقة، من الأشكال المستطيلة، ذات الاتجاهات، والأثقال المختلفة، التي تمد المصمم بالفروض والنماذج، التي يحتاج إليها، في تصميم كلي، وليس هناك حاجة لأشكال غريبة التكوين.
ينبغي أن يتسم الشكل الأساسي للصفحة، بالبساطة، والسهولة في تصميمه، وعدم وجود زخارف أو ازدحام بين عناصره.
ينبغي تغيير هذا الشكل، إذا لم يتناسب مع طبيعة الأخبار، والموضوعات.
ينبغي تقليل عدد الأخبار والموضوعات، داخل كل صفحة، لإتاحة المجال، أمام مساحات من الفراغ الأبيض، بين الأعمدة وبين العناوين والصور، وبين سطور المتن؛ لأن هذا الفراغ الأبيض يجعل الصفحة لا تبدو درامية.
استعمال الأخبار، أو الموضوعات، التي تصاحبها الصور، وتحتل مساحات كبيرة تملأ الصفحة، مع استعمال إطارات ضخمة، لتعزيز المتن، والصور الموجودة داخلها.
4. المفهوم المختلط
أثبتت التجربة العملية والممارسات اليومية، منذ منتصف السبعينيات، وحتى الآن، عدم تقبل رؤساء التحرير، أو محرري الإخراج، لاستعمال مفهوم، أو مدخل واحد، من المفاهيم السابقة، كنوع من المحافظة على الشكل المتميز التقليدي للجريدة، الذي ساد، لأكثر من ربع قرن، مع السماح بإدخال بعض التعديلات أو الممارسات المعاصرة، على ممارستهم التقليدية. ومن ثم نشأ هذا المفهوم المختلط، أو بعض الأفكار الإخراجية المعاصرة، في الإخراج، التي يمكن مزجها بالأفكار التقليدية لتحديث إخراج الصحيفة. وربما تكون تلك هي نقطة الانتقال الأكثر منطقية، إلى المفاهيم المعاصرة، ويمثل هذا المفهوم استفادة من المداخل المعاصرة الثلاثة السابقة تحقق تقنيات تغيير أفضل من الوضع الراهن.
ثالثاً: المداخل الحديثة
تطور المداخل الحديثة أسلوب إخراج الصحف، ولكنها تعالج الجريدة اليومية إخراجياً، بشكل يجعلها اقرب إلى المجلة، مثل صحافة التابلويد الإنجليزية، وجريدة USA Today الأمريكية، ويتبلور ذلك فيما أطلق عليه، مذهب ما بعد الحديث أو ما بعد الحداثة Ultra Modern، الذي يتحرر من قيود تقسيم الصفحة، إلى أعمدة. ويتكون من أشكال بالغة البساطة، ويميل إلى استخدام الموضوعات الضخمة المحاطة بإطارات، والصور الفوتوغرافية ذات الأحجام الكبيرة، مع توجيه اهتمام خاص إلى قاع الصفحة.
منقول عن موقع الاكاديمية المفتوحة للصحافة العربية